
فالفضاء العمومي يتشكل ويظهر في جملة من المؤسسات المختلفة التي تعمل من أجل الدفاع والمطالبة بحقوق ورغبات وحاجيات الفئات الاجتماعية المكونة للمجتمع باختلاف دياناتها وطبقاتها، ويحاول أن يحل مشاكلهم ويقدم خدمات للصالح العام، فبواسطته تسير الشؤون العامة للأفراد عن طريق تنوير طرق النظام السياسي في كيفية ومتى ولماذا ولصالح من تتخذ القرارت.
وعموما فإن المجال العمومي العربي يختلف عن الفضاء العمومي الغربي في هذا الشأن بمستويين:
وتشير دراسة قام بها هولت وزملائه إلى أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يزيد من الاهتمام والمشاركة السياسية، وقد وجدت دراسة أخرى مشابهة قام بها جيل دي زينيجا وآخرون بأن الاستخدام الإعلامي لمواقع التواصل الاجتماعي كان له ارتباط إيجابي بالمشاركة السياسية الموصولة بالإنترنت وكذلك المشاركة غير الموصولة بالإنترنت، وتؤكد هذه النتائج على تلك الإمكانات التي تمتلكها الوسائط الرقمية وخاصة التفاعلية منها في تعبئة الناس وفئة الشباب بشكل خاص بغرض المشاركة الفعّالة في الحياة المدنية والسياسية.
هل يصوت المهاجرون غير الشرعيين في الانتخابات الرئاسية الأمريكية ؟
وهي الرؤية التي تنطبق بتفاصيلها على واقع الفضاء العمومي العربي الذي خضعت وسائله منذ البداية للتوجيه لخدمة القوى النافذة في السلطة والحكم، الأخيرة التي كيفت أدوارها مرة أخرى وبنفس الأساليب المعهودة من رقابة ومتابعة على نشاط الإعلام الجديد الذي برزت فيه معالم فعلية للفضاء العمومي الحقيقي المبني على حرية النقاش والتداول الحر لقضايا الشأن العام، بحيث يتعرض هو الآخر لشتى أنواع التضييق والمحاصرة سواء باعتماد الوسائل التقنية أو السياسية والتشريعية قصد الحد من نشاطه، ودائما تحت طائلة أهداف التنمية والحفاظ على المصالح الإستراتيجية خاصة الأمنية منها.
ما يعني أن "الاعتراف" في متن تايلور له أفق مختلف عن بعض الأطروحات الأخرى الخاصة بالموضوع؛ لأن رهانه الذي يمكن معاينته بوضوح، ضمن دراسته المرتبطة بـ"سياسة الاعتراف" قائم بالأساس على تجاوز فكرة "دموية" الاعتراف. أي عوض أن يكون تحقيق الاعتراف مدعاة لخوض صراع حتى الموت -ولو بمعانيه المجازية الدالة على الهزيمة والخضوع والانصياع والعبودية- من أجل نيله، يمكن بلورته مع تايلور في إطار رؤية سياسية تتجاوز لغة الدم والصراع والهيمنة، إلى مستوى يصبح بموجبه استحقاقا سياسيا ومدنيا، يشابه باقي الحقوق التي يتم الحصول عليها بالتراضي والمواضعة السياسية، من خلال التفكير المؤسساتي في كيفية رفع غيابه الذي يولد "الاحتقار"، لكن باستحضار أبعاده "الوجودية" الدالة على "الهوية" أيضا.
وهكذا يكون الاستبداد مجاورا حتى للأنظمة الديمقراطية التي تقول عن نفسها إنها حرة وعادلة، ولا يفصل بينهما سوى شعرة تتحدد بنوعية الفضاء العمومي؛ ذلك أن خلق فضاء واقعي أو افتراضي موسوم بصفة التدخل والاحتكار الأيديولوجي من شأنه أن يؤسس لمواطنة مهزوزة، تماشيا مع حالة فقدان الثقة التي تنشأ عن تصدع العلاقة بين الوطن والمواطن في هذه الحالة حتى لو تعلق الأمر بالأنظمة الديمقراطية؛ أي إن التحول الذي طال الفضاء العام في الحالة التي يفقد فيها جاذبيته ونزاهته هو أمر يقتضي إعادة النظر في أسئلة المواطنة والديمقراطية والحق والقانون، وهو الذي يفسر التوجه صوب الإصرار على مطالب جديدة للملمة صدوع وتشققات هذه المقولات ضمن متن تايلور أو غيره أيضا، من خلال الرهان على الاعتراف والحق في الاختلاف لتجاوز مأزق الإمارات خسارة الفضاء العمومي لجاذبيته ومصداقيته، أو بالأحرى لمواطنته المنفتحة على التجاوب والتواصل والتثاقف، حتى لا تتحول الديمقراطية نفسها إلى استبداد.
وقد خلصت الدراسة إلى أن الديمقراطية التي تمثل أبرز أوجه تجليات الفضاء العمومي عرفت في ظل تكنولوجيا الاتصال الحديثة تطورا بارزا ساهم في ميلاد الديمقراطية الالكترونية، غير أن هذا الطرح يختلف في واقع الفضاء العمومي العربي الذي لازال يعرف صراعا وتضييقا ورقابة وتوجيها من قبل القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة في الأنظمة الحاكمة رغم نجاحه في حالات معدودة في طرح قضيا أمام الرأي العام ليضغط بها على توجهات الحكومات وقراراتها.
فضاء عمومي اتصالي منتج وصانع للثقافة الجماهيرية الاستهلاكية من طرف جميع الشرائح الاجتماعية.
النّدوة العلميّة الدّوليّة "الدّين والدّولة في المجال الإسلامي الرّاهن: مقاربات ومطارحات"
هناك اجماع بين الباحثين مثل نور الامارات باربر وبيتمان وفيربا وشلازمان وبرادي حول أن المشاركة المدنية والسياسية هي أحد الأركان الأساسية لعمل الديمقراطية بشكل جيد، وفي نفس الوقت تؤكد العديد من الدراسات على أن المشاركة المدنية والسياسية بشكلها التقليدي (البرلماني) آخذت بالانخفاض في المجتمعات الديمقراطية، بينما يؤكد آخرون على تغير طبيعة المشاركة المدنية والسياسية في حد ذاتها وبرزت أشكالا جديدة من المشاركة مثل تسييس الحياة المعيشة، الاستهلاك السياسي، والنضال عبر الإنترنت وغيرها من الأشكال الأخرى.
يهدد الخوف من العزلة الاجتماعية الأفراد، مما يجعلهم يتحفظون عن إبداء آرائهم ولا يعلنون عنها، لا سيما إذا أدركوا أن هذه الآراء لا تحظى بتأييد الآخرين، وعلى العكس من ذلك، فإن أولئك الذين يشعرون أن آراءهم ستلقى استحسانًا، يرغبون في التعبير عنها من دون خوف.
إن النظر إلى الإعلام الجديد باعتباره فضاءا وليس وسيلة يتيح مقاربة التمثيل الافتراضي للحياة الاجتماعية بمظاهرها وأحداثها وفاعليتها التي تشكل الفضاء العمومي الافتراضي، والذي يمكن حصر خصوصيته في المستويات التالية:
وقد حظيت نظرية دوامة الصمت باهتمام متجدد في ظل اتجاه الأفراد نحو وسائل الإعلام الجديدة، وبرز تشكيك الباحثين في إمكانية تطبيق دوامة الصمت في الفضاء الافتراضي، مع وجود اعتقاد بأن النظرية لم يعد لها حضور في بيئة الإعلام الجديد، وغير قابلة للتطبيق على أنشطة الاتصال في الفضاء الرقمي.
تعد وسائل الإعلام من المصادر الرئيسية لنشر المعلومات، ونقل مناخ التأييد أو المعارضة.